القصة
عملٌ أدبي يصوّر حادثة من الحوادث في الحياة ,أو عدّة حوادث مترابطة
يتعمق القاصّ في تقصّيها والنظر إليها من جوانب عدة لتكسبها قيمة إنسانية خاصة.
وهي فنّ طبعي قديم صاحب الأمم من عهد البداوة إلى ذروة الحضارة ,ولايزال
إلى اليوم يمثل مكانة ً ممتازةً بين الفنون الأدبية الأخرى لاتصاله بحياة الناس
الماضية والحاضرة ,ولمرونته واتساعه للأغراض المختلفة,ولجمال أسلوبه
وخفته على النفس .
وقد كان هذا الفنُّ سمر العرب في الجاهلية , حتى بلغ به القرآن الكريم
أسمى درجةً بأبلغ أسلوب وأفصح بيان ,ثم نشط بعد ذلك وتعددت أغراضه
وأنواعه,فكان حقيقياً كقصص الرِّحل والملوك والأدبــــــــاء,وخيالياً مثل
(كليــلة ودمنــة) , ونوع أدبي قصير كالمقامات . وحماسي طويل كقصة
عنتــــــرة بن شـــداد.
والقصة التي نعدّها من أهم خصائص العصر الحديث ,هي القصة الواقعية
التي تعُنى بالتحليل النفسي للأشخاص , وكذلك التي تعنى بالمواقف.
في هذا العصر أخذت القصة وضعاً فنياً,وخضعت لبعض القوانين في
التأليف والأسلوب,فكثرت أشخاصها وحوادثها وتشابكت ثم تعددت مواقفها
ونتائجها..
وقد تكون القصة مجموعة أحداث مرتبة ترتيباً سببياً,تنتهي إلى نتيجة طبيعية
لهذه الأحداث ,هذه الأحداث المرئية تدور حول موضوع عـام, هو التجربة
الإنسانية الموضوعية الاجتماعية.
والتجربة القصصية لابدّ فيها من صدق الكاتب, وليس ضرورياً أن يكون
القاصّ قد عاناها بنفسه ,بل يكفي أن يلحظها ويؤمن بها . ولابدّ له في
في القصة من أن يدرسها في واقع الحياة.
عرض القـــصّــة
الحق ُّ أنّ عرض القصة له طرقٌ كثيرة يصعبُ تحديدها ,إذ أنّ حرية المؤلف في هذا الجنس
الأدبي لاتحدُّها القواعد كلّ التحديد . وعبقريته هي التي تعينه على الإفادة من الطريقة التي
يختارها ,أو على الانتفاع بكثيرٍ من الطرق ,يزاوج بينها في قصته .فقد يبدأ المؤلف قصته
من أوّ ل حوادثها, فيصفُ نشأة أبطاله , وميلاد َ علاقاتهم بعضهم ببعض, ويتبع في ذلك
منهجاً زمنياً في عرض الأحداث . وقد تبدأ القصة ُ بنهايتها, وكثيراً مايقع ذلك في القصص
البوليسية. وللكاتب في طريقة عرض شخصياته أن يصوّرهم من خلال حركتهم ومواقفهم,
في حديثهم بعضهم مع بعض, في الحوار , أو في حديث كل منهم لنفسه .وللقاص ّ أن يتوسع
في الأحاديث النفسيّة لشخصياته, ليصوّر بها وعيهم الباطني.
الأشخاص في القــصــّة
الأشخاص في القصة مدار المعاني الإنسانية, ومحور الأفكار والآراء العامّة , ولهذه المعاني
والأفكار المكانة الأولى في القصّة منذ انصرفت لدراسة الإنسان وقضاياه ,فلا مناص أن تحيا
الأفكار في الأشخاص وتحيا بها الأشخاص.
والكاتب يوجد أشخاصه ,مستوحياً في إيجادهم الواقع,مستعيناً بالتجارب التي عاناها هو أو
لحظها,وهو يعرفُ عنهم كل شيء ٍ , ولكنّهُ لايفضي بكل شيءٍ ..فلا يصح أن يذكر تفصيلات
الحياة اليومية إذا كانت لاتمُت بصلة إلى فكرة القصة ,ولاتدلّ على الحال النفسية لأشخاصه ,
أو على العادات والتقاليد ذات السلطة في المجتمع..